مجلـــــــــــة نفـــــــــــــير سوريــــــــــــــــــا الرقميــــــــــــــة
اهـــــــــــلا بك صديقي :قد يكون هذا أول منزلٍ نألفه وقد يكون منطلقنا منه و مستقرنا فيه ولكي نستمتع بالدخول إلى حديقة البوح هذه فلا بدّ من اختيار أجمل مفاتيحنا ولكي يحلّق عطرنا في سمائها ويدوم طويلاً لابد من أن نغرس فيها أجمل زهورنا.هذه حديقتكم, فاختارواعطوركم, واجلسوا في ظلالها. ________________________________________________
.أهلا بكم نحن ننتظر تسجيلك في الموقع فقد يكون هناك مواضيع لا نعرفها نحن ندعوك للمساهمة والاقتراح لبناء موقع وطني نبث فيه تطلعاتنا سوية.
الاشراف العام
مجلـــــــــــة نفـــــــــــــير سوريــــــــــــــــــا الرقميــــــــــــــة
اهـــــــــــلا بك صديقي :قد يكون هذا أول منزلٍ نألفه وقد يكون منطلقنا منه و مستقرنا فيه ولكي نستمتع بالدخول إلى حديقة البوح هذه فلا بدّ من اختيار أجمل مفاتيحنا ولكي يحلّق عطرنا في سمائها ويدوم طويلاً لابد من أن نغرس فيها أجمل زهورنا.هذه حديقتكم, فاختارواعطوركم, واجلسوا في ظلالها. ________________________________________________
.أهلا بكم نحن ننتظر تسجيلك في الموقع فقد يكون هناك مواضيع لا نعرفها نحن ندعوك للمساهمة والاقتراح لبناء موقع وطني نبث فيه تطلعاتنا سوية.
الاشراف العام
مجلـــــــــــة نفـــــــــــــير سوريــــــــــــــــــا الرقميــــــــــــــة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجلـــــــــــة نفـــــــــــــير سوريــــــــــــــــــا الرقميــــــــــــــة

*مجلة شاملة تصدرعن< جبهة الدفاع الوطني> تهتم بالشأن الوطني السوري * إشراف ممثلية الإعلام*
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
***************قد يكون هذا أول منزلٍ نألفه, ***************وقد يكون منطلقنا منه و مستقرنا فيه ********* ولكي نستمتع بالدخول إلى حديقة البوح هذه, ************* فلا بدّ من اختيار أجمل مفاتيحنا, **************** ولكي يحلّق عطرنا في سمائها ويدوم طويلاً ***************لابد من أن نغرس فيها أجمل زهورنا. *********هذه حديقتكم, فاختاروا عطوركم, واجلسوا في ظلالها. ...... أهلا بكم في بوحنا للدفء والمحبة والإلفة********* صبا منصور
ترحيب
مجلة نفير سورية الرقمية لإعلام هادف
المواضيع الأخيرة
» عام "التخريب" العمليات السرية
الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة Emptyالإثنين أكتوبر 15, 2012 12:06 am من طرف Admin

» الديمقراطية في السعودية...!!!
الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة Emptyالأحد يونيو 17, 2012 11:52 pm من طرف أحمد أديب أحمد

» نداء صادحٌ من الشعب الصامد في سورية
الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة Emptyالسبت يونيو 16, 2012 4:49 pm من طرف هشام أحمد صقر

» الجهاد في سورية بين التحليل والتحريم
الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة Emptyالسبت يونيو 16, 2012 4:43 pm من طرف أحمد أديب أحمد

» لمحات من أسرار سياسة القائد بشار الأسد
الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة Emptyالسبت يونيو 09, 2012 1:17 am من طرف هشام أحمد صقر

» العزل والعزل المضاد
الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة Emptyالجمعة يونيو 01, 2012 11:33 pm من طرف هشام أحمد صقر

» توضيح للضعفاء المغرَّر بهم باسم الدين
الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة Emptyالسبت مايو 26, 2012 8:42 am من طرف هشام أحمد صقر

» المؤامرة على سورية.. بين الخطة والتنفيذ
الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة Emptyالخميس مايو 24, 2012 6:05 pm من طرف هشام أحمد صقر

» الحوار البناء
الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة Emptyالخميس مايو 24, 2012 8:12 am من طرف أحمد أديب أحمد

دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
تصويت
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط مجلـــــــــــة نفـــــــــــــير سوريــــــــــــــــــا الرقميــــــــــــــة على موقع حفض الصفحات
مواقعنا
فيسبوك
المواضيع الأكثر شعبية
تعريف الاعلام الالكتروني
- مدارس الاستشراق > طبقات المستشرقين
وكالات أنباء/راديو وتلفزة/صحف – مواقع اخبارية- مجلات/وكالات أنباء
- مدارس الاستشراق > المدرسة الألمانية >
هل تطمح ان تكون اعلاميا متخصصاً
الحكمة السرية للرموز
انت اعلامي كيف تواجه الجمهور
الجهاد في سورية بين التحليل والتحريم
عام "التخريب" العمليات السرية
لمحات من أسرار سياسة القائد بشار الأسد

 

 الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
علي اسمندر
Admin



عدد المساهمات : 49
تاريخ التسجيل : 19/09/2011

الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة Empty
مُساهمةموضوع: الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة   الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة Emptyالأربعاء نوفمبر 30, 2011 9:38 am


الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة

يرى البعض أن اهتمام أقسام دراسات الشرق الأوسط ومراكز البحوث والمعاهد الغربية بالأدب العربي الحديث ضعيف جداً في حين أن هذا الاهتمام موجود ولكن يتميز بالانتقائية والتركيز على نماذج معينة من الكتابات الأدبية المعاصرة. ولا يكاد يختلف الاهتمام الغربي بالأدب العربي الحديث عن اهتماماته الأخرى بقضايا العالم الإسلامي.

هذا وسوف ينقسم البحث إلى ثلاثة محاور أساسية هي:

المحور الأول: الاهتمام بالأدب العربي الحديث

المحور الثاني: القيم والمثل والأخلاق التي يهتم بها المستشرقون في الأدب العربي الحديث.

المحور الثالث: لغة الكتابة والشعر الحر أو المرسل، أو المنثور.

المحور الرابع: الاهتمام بنماذج من الأدباء والأديبات العرب.

المحور الخامس: نماذج من المؤتمرات والندوات والمحاضرات والكتب الاستشراقية حول الأدب العربي.

ومن المؤكد أن الاهتمام بالأدب العربي الحديث لدى المستشرقين يحتاج إلى بحث أطول وأعمق ومن قبل متخصصين في الأدب العربي. ذلك أن الأدب إنما هو جزء من مكونات الشخصية العربية المسلمة وهو كذلك جزء مهم من الصورة التي يكونها الغرب عن الإسلام والمسلمين. فإذا انحصر اهتمامهم بالكتابات التي تحارب اللغة العربية والثوابت الإسلامية فإن الصورة ستكون بلا شك مشوهة ومحرفة.

و لا أزعم لنفسي التخصص في الأدب ولكني قارئ للأدب ومتذوق له. وما لا يدرك كله لا يترك جله، فإن استطعت أن أقدم صورة عن الاهتمام الاستشراقي بالأدب العربي فهذا توفيق من الله، وإن كانت الأخرى فحسبي أنني بذلت الجهد وأرجو أن أجد من ينتقد ويوجه. وعلى الله قصد السبيل.



المحور الأول

الاهتمام بالأدب العربي الحديث

منذ بداية الاستشراق البعيدة والغرب يهتم بكل ما صدر عن المسلمين فهم الذين أنشؤوا مئات الأقسام العلمية، كما تحتفظ مكتباتهم بألوف المخطوطات في شتى المعارف. وقد ثبت أن بعض الأدباء في الغرب تأثروا بالأدب العربي في عصور ازدهار الأمة الإسلامية. والاهتمام بالأدب العربي في الغرب لا ينبع من ترف فكري ذلك أن دراسة الأدب مهمة لدراسة الشخصية التي أنتجت هذا الأدب وذلك كما قال سمايلوفيتش فالأدب بالنسبة للعرب "يعد ديوانها، ويتأمل تاريخها، ويبرز عقليتها، ويمثل انفتاحها، ويدفع بقدمها إلى الأمام…وظل الأدب العربي بشعره ونثره من الأمور التي شغف بها الاستشراق محاولاً إلى معرفة العرب واتجاههم."([1])

والأدب كما يقول عاصم حمدان "في كل العصور وعند جميع الأمم- هو تعبير عن هوية- أي أمة – ومنطلقاتها الحضارية وإرثها التاريخي، ولهذا كان اهتمام الغربيين كبيراً بالتراث العربي القديم، لأنه كان تعبيراً حقيقياً عن هويتنا الحضارية. ولذلك اعترف أكثر من مستشرق بتأثر الغرب بالأدب العربي القديم ومن هؤلاء مثلاً إديموند بوزوورث – Edmund Boseworth رئيس قسم الدراسات الشرقية بجامعة مانشستر بتأثير الأدب العربي في الأديب الإنجليزي صاحب كتاب "قصص كانتير بري" Canterbury Tales.وغيره مثل بوكاتشيو في مجموعته المعروفة باسم ديكاميرون "الأيام العشرة" De-Camerone [2]

ويؤكد عاصم حمدان من خلال الاهتمام بالأدب في عصور الازدهار وقلة الاهتمام بالعصر الحاضر [نسبياً] " أن نقطة الضعف التي يجدها الغرب – اليوم – في أدبنا، هي ترديدنا لبعض نظرياته في الأدب بعد لفظه لها بعشرات السنين ثم هو ترديد لا استيعاب ولا تمثل فيه.." ويضيف حمدان بأن بعض المستشرقين " قدموا النصيحة للأدباء العرب بأن يكون شعرهم عربياً خالصاً " لأنه إنما يأخذ مكانته بين الآداب العالمية بتفرده وأصالته." ([3])

ومن الأسباب الأخرى التي حالت دون الاهتمام بالأدب العربي الحديث ما أشار إليه سمايلوفتيش في رسالته:

1- حداثة البحوث في هذا المجال

2-أن الأبحاث في الاستشراق " لم تتبلور بعد فكرياً أو منهجياً أو فلسفيا."

3- اهتمام الغرب يتركز في الوقت الحالي على النواحي العقيدية والدينية والسياسية.

4- "عدم وجود هيئة تتبع بحوثه التي تتعلق بالاتجاهات الحديثة في العالم العربي الإسلامي.

5- لم يستطع الأدب الحديث بعد أن يفرض وجوده على هيئات العلم في العالم، "وإن خطى خطوات جبارة."

6- إن مراكز الاستشراق نفسها لا تشجع معرفة طلابها بإنتاج الأدب العربي الحديث حيث إنها تفرض عليه البحث في الأدب القديم.([4])

هذه الأسباب لم تعد كلها صحيحة في العصر الحاضر بعد أكثر من عشرين سنة من إعداد رسالة سمايلوفيتش .فقد ازداد عدد مراكز البحوث الغربية والأقسام العلمية التي تهتم بالأدب الحديث ولكنه اهتمام انتقائي كما سنرى.

وقد اهتم صالح جواد الطعمة بمسألة الترجمة من العربية إلى اللغات الأوروبية وذكر أن المسؤولية تقع على عاتق المستشرقين في تعريف قرائهم بالأدب العربي الحديث، ولكنهم "كانـوا ولا يزالون يوجهون جل اهتمامهم العلمي إلى غير الأدب من أوجه الحياة العربية المعاصرة، ولهذا لم يترجم إلاّ عدد ضئيل من الأعمال الأدبية الحديثة.." ويضيف بأن ما ترجموه أيضاً لم يسوّق تجارياً ولذلك لم يجد الاستجابة المشجعة لدى النقاد أو الأدباء غير العرب إلاّ في حالات نادرة."([5])

وقد حاول الطعمة تتبع المجلات الأمريكية مثل مجلة الجمعية الشرقية الأمريكية ومجلة العالم الإسلامي فوجد أن المجلة الأولى لم تقدم سوى "إشارات عابرة في باب نقد الكتب." وكذلك الحال بالنسبة للمجلة الثانية. ويضرب على ذلك مثالاً بما ورد في مجلة العالم الإسلامي بقوله "وتتجلى قلة الاهتمام بالأدب في التعريف الموجز الذي ورد في المجلة بشأن ترجمة آربري لمسرحية "مجنون ليلى" لأحمد شوقي، و المسرحية من خمسة فصول مترجمة من العربية …وهذه إحدى مسرحياته الست وأكثرها شيوعاً وقد شاهدها المترجم ممثلة في القاهرة. ويضيف معلقاً" لا أحسب أننا بحاجة إلى الوقوف طويلاً عند ما تعنيه أمثال هذه التعليقات من افتقار إلى الفهم والذوق الأدبيين لتراث غني بإنجازاته."([6])

ويؤكد الطعمة في موضع آخر أن الأدب العربي الحديث قد" أهمل وهمّش أو أقصي كلياً من الأدب العالمي. ([7]) ويرى إدوارد سعيد في المقدمة التي كتبها لكتاب (أيام الغبار) لحليم بركات أن الأدب العربي هو من الآداب المحظورة([8])

وليت الأمر توقف عند الإهمال كما جاء في أقوال الدكتور الطعمة فإن هناك من الآراء في اللغة العربية وآدابها ما يدهش المرء أن يصدر في دراسات تزعم لنفسها الموضوعية والنزاهة فيرى بعض الغربيين أن اللغة العربية نفسها تقف "عقبة" وأنها "طريق مسدود" وأنها "زخرفة غير واضحة" أو "منمقة" وصعبة كأداة على الترجمة إلى لغة كاللغة الإنجليزية، ويضيفون إن اللغة العربية تمثل ستاراً حديدياً لغوياً أبعدت الغرب عن الثقافة العربية.([9])

ومرة أخرى نؤكد أن الاهتمام بالأدب العربي الحديث قد ازداد على مر السنين فهناك أكثر من دورية تصدر في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا تتخصص في الأدب العربي أو الدراسات العربية فهناك مثلاً (المجلة الدورية للدراسات العربية Arab Studies Quarterly، ومجلة المختار في دراسات الشرق الأوسط Digest of Middle East Studies التي بدأت في الصدور منذ ست سنوات. ومجلة آداب الشرق الأوسط (أدبيات) (Middle East Literature(Literary Articles)) التي تتعاون في إصدارها جامعة أكسفورد البريطانية وجامعة داكوتا الشمالية بالولايات المتحدة الأمريكية والتي بدأت في الصدور منذ عام 1996م.

وإذا رجعنا إلى الوراء أكثر نجد أن بعض الباحثين الغربيين من أمثال المؤرخ البريطاني جورج ينج Young George يرى أن اللغة العربية هي من أصعب اللغات الأدبية التي تعيق إلى حد بعيد التعبير الأدبي، ويضيف "وليس من المستحيل أنه في المستقبل القريب أن مصر سوف تستبدل اللغة الفرنسية باللغة العربية كما فعلت الأمم الأخرى في شمال أفريقيا."([10])

وكتب إدوارد بدين حول نشاط الترجمة إلى الألمانية من اللغة العربية في سويسراً بأنه نشاط فاتر بالمقارنة مع ما يترجم إلى الإنجليزية أو الفرنسية عن الألمانية. ويرجع أسباب هذا الفتور إلى "قلة من يجيدون فهم الأدب العربي الحديث بعمقه اللغوي والاجتماعي والحضاري والسياسي، "… وكذلك يتساءل "هل لدى المترجم المقدرة اللغوية والعمق الحضاري ولو جزئياً بالنسبة للألمانية بحيث يتمكن من إيصال إنتاج الأدب العربي المترجم إلى جمهور القراء الألمان بشكل سائغ وجميل ومفهوم.." وهو كذلك يرى أن المشكلة الثالثة تكمن في أن دور النشر التي تهتم بالأدب العربي عددها قليل، وعدد الكتب التي تستطيع نشرها محدد جداً بالإضافة إلى قلة عدد المشترين مما يرفع تكلفة الكتاب ولا يجعله مرغوباً.([11])

ورغم كل هذه الآراء بأن الترجمة محدودة وأن الاهتمام قليل لكن هناك من يرى أن الاهتمام يتزايد ومن هؤلاء محمد أحمد حمدون حيث يقول "إن الاهتمام يتزايد عند المعاصرين من المستشرقين بالأدب الحديث، وقضايا العالم العربي، وفيما يتعلق بالأدب العربي الحديث فإن الترجمة في كتب مستقلة وفي الدوريات (رغم كثرتها) أخذة في الزيادة حيث ترجمت أعمال لأكثر المؤلفين العرب في معظم اللغات الأوروبية.([12]) ويبدو لي أن هذا الرأي متفائل جداً فالواقع لا يؤيد ذلك بل إن الاهتمام الغربي انتقائي وقليل بالنسبة لما يصدر في العالم العربي ولذلك أسبابه التي ذكرنا بعضها آنفاً.

ومن نماذج الاهتمام المتحيز ضد الأدب العربي ما كتبه ريجيس بلاشير زاعماً أن الأدب العربي يفتقد عموماً إلى الإبداع والعبقرية وان "الفعالية الأدبية، في أدوار عدة، بل في الأدوار الهامة تظل جماعية بمعزل عن كل خلق فردي حقاً، وإذا ما اتفق أن وجدنا خلافاً لذلك فإننا لا نلبث إذا أمعنا النظر أن ندرك أن الظاهرة حركة تجديد أوجدتها فئة أو جماعة أدبية أو هي صفة خاصة إقليمية …. وعلى الجملة فالأدب العربي – وقد نلحق به آداب الشرق الأدنى- لم يعرف إلاّ في ومضات خاطفة، تلك الحاجة المرهقة الخصبة للتجديد، والتميز، والتعارض 000"([13])

وقد كفانا محمد العزب مؤونة الرد على بلاشير في مقالة أكد فيها حقيقة وجود الإبداع والعبقرية في الأدب العربي على مر العصور ،ولم يكتف بما كتبه النقاد المسلمون منذ القديم ولكنه رجع إلى بعض ما كتبه كارل بروكلمان في هذا المجال. وقدم نماذج من الشعراء المسلمين على مر العصور ([14]). ولكن ألا يمكن أن يكون هذا الرأي الذي قال به بلاشير إنما ينطلق من النظرة الاستعلائية التي تطبع الغرب عموماً فلا يرون عبقرية إلاّ عبقريتهم أو عبقرية من كان مقلداً لهم.

وقد كان للمستشرقين الذين درّسوا في الجامعات المصرية وكذلك الطلاب الذين ابتعثوا إلى الغرب لدراسة الأدب العربي على أيدي المستشرقين دور في تأثر البعض في إفساد "الذائقة الأدبية" كما يقول الأستاذ محمود شاكر -رحمه الله- وهو ما عانى منه طيلة حياته وظهر واضحاً في معاركه الأدبية المتعددة ومنها على سبيل المثال مع لويس عوض التي نجد تفاصيلها في كتابه (أباطيل وأسمار) ومع طه حسين رحمه الله في كتابه المتنبي ورده على طه حسين في قضية الشعر الجاهلي ونظرية الانتحال.([15])

ولا يمكننا أن نطلب من الغير أن يهتم بأدبنا الحديث ولكننا نرى أن هذا الاهتمام يميل إلى التركيز على جوانب معينة من أدبنا العربي فهذه مستشرقة تؤكد أن الاستشراق الألماني ما زال مهتماً بقصص ألف ليلة وليلة حين تقول "لا يوجد أثر أدبي ينتمي إلى الشرق كان له التأثير الذي خلفته حكايات ألف ليلة وليلة منذ ترجمتها عام 1706م على الآداب الأوروبية بما فيها الأدب الألماني."([16]) ولكنها تضيف في اللقاء نفسه بأنها مهتمة أيضاً بالأدب الحديث وتسوق لذلك مبرراً هو أن الأدب "يـشكل في اعتقادي أحد أفضل السبل للتقارب بين الشعوب، لأننا نستطيع أن نتلمس من خلال ما ينتجه شعب من أدب ملامح الوجه الحقيقي لهذا الشعب.([17])

وقد كان البعض يرى أن فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب عام 1988م(1408هـ) لم يؤد إلى زيادة الاهتمام بالأدب العربي الحديث، لكن محفوظ نفسه نال اهتماماً كبيراً في هذه الفترة والتي تلتها، ولكن هذا لم ينعكس على الأدب العربي عموماً([18])




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
علي اسمندر
Admin



عدد المساهمات : 49
تاريخ التسجيل : 19/09/2011

الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة Empty
مُساهمةموضوع: تتمة   الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة Emptyالأربعاء نوفمبر 30, 2011 9:46 am

[b][size=18][font=Courier New]
الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة
يرى البعض أن اهتمام أقسام دراسات الشرق الأوسط ومراكز البحوث والمعاهد الغربية بالأدب العربي الحديث ضعيف جداً في حين أن هذا الاهتمام موجود ولكن يتميز بالانتقائية والتركيز على نماذج معينة من الكتابات الأدبية المعاصرة. ولا يكاد يختلف الاهتمام الغربي بالأدب العربي الحديث عن اهتماماته الأخرى بقضايا العالم الإسلامي.
هذا وسوف ينقسم البحث إلى ثلاثة محاور أساسية هي:
المحور الأول: الاهتمام بالأدب العربي الحديث
المحور الثاني: القيم والمثل والأخلاق التي يهتم بها المستشرقون في الأدب العربي الحديث.
المحور الثالث: لغة الكتابة والشعر الحر أو المرسل، أو المنثور.
المحور الرابع: الاهتمام بنماذج من الأدباء والأديبات العرب.
المحور الخامس: نماذج من المؤتمرات والندوات والمحاضرات والكتب الاستشراقية حول الأدب العربي.
ومن المؤكد أن الاهتمام بالأدب العربي الحديث لدى المستشرقين يحتاج إلى بحث أطول وأعمق ومن قبل متخصصين في الأدب العربي. ذلك أن الأدب إنما هو جزء من مكونات الشخصية العربية المسلمة وهو كذلك جزء مهم من الصورة التي يكونها الغرب عن الإسلام والمسلمين. فإذا انحصر اهتمامهم بالكتابات التي تحارب اللغة العربية والثوابت الإسلامية فإن الصورة ستكون بلا شك مشوهة ومحرفة.

المحور الأول
الاهتمام بالأدب العربي الحديث
منذ بداية الاستشراق البعيدة والغرب يهتم بكل ما صدر عن المسلمين فهم الذين أنشؤوا مئات الأقسام العلمية، كما تحتفظ مكتباتهم بألوف المخطوطات في شتى المعارف. وقد ثبت أن بعض الأدباء في الغرب تأثروا بالأدب العربي في عصور ازدهار الأمة الإسلامية. والاهتمام بالأدب العربي في الغرب لا ينبع من ترف فكري ذلك أن دراسة الأدب مهمة لدراسة الشخصية التي أنتجت هذا الأدب وذلك كما قال سمايلوفيتش فالأدب بالنسبة للعرب "يعد ديوانها، ويتأمل تاريخها، ويبرز عقليتها، ويمثل انفتاحها، ويدفع بقدمها إلى الأمام…وظل الأدب العربي بشعره ونثره من الأمور التي شغف بها الاستشراق محاولاً إلى معرفة العرب واتجاههم."([1])

والأدب كما يقول عاصم حمدان "في كل العصور وعند جميع الأمم- هو تعبير عن هوية- أي أمة – ومنطلقاتها الحضارية وإرثها التاريخي، ولهذا كان اهتمام الغربيين كبيراً بالتراث العربي القديم، لأنه كان تعبيراً حقيقياً عن هويتنا الحضارية. ولذلك اعترف أكثر من مستشرق بتأثر الغرب بالأدب العربي القديم ومن هؤلاء مثلاً إديموند بوزوورث – Edmund Boseworth رئيس قسم الدراسات الشرقية بجامعة مانشستر بتأثير الأدب العربي في الأديب الإنجليزي صاحب كتاب "قصص كانتير بري" Canterbury Tales.وغيره مثل بوكاتشيو في مجموعته المعروفة باسم ديكاميرون "الأيام العشرة" De-Camerone [2]

ويؤكد عاصم حمدان من خلال الاهتمام بالأدب في عصور الازدهار وقلة الاهتمام بالعصر الحاضر [نسبياً] " أن نقطة الضعف التي يجدها الغرب – اليوم – في أدبنا، هي ترديدنا لبعض نظرياته في الأدب بعد لفظه لها بعشرات السنين ثم هو ترديد لا استيعاب ولا تمثل فيه.." ويضيف حمدان بأن بعض المستشرقين " قدموا النصيحة للأدباء العرب بأن يكون شعرهم عربياً خالصاً " لأنه إنما يأخذ مكانته بين الآداب العالمية بتفرده وأصالته." ([3])

ومن الأسباب الأخرى التي حالت دون الاهتمام بالأدب العربي الحديث ما أشار إليه سمايلوفتيش في رسالته:

1- حداثة البحوث في هذا المجال

2-أن الأبحاث في الاستشراق " لم تتبلور بعد فكرياً أو منهجياً أو فلسفيا."

3- اهتمام الغرب يتركز في الوقت الحالي على النواحي العقيدية والدينية والسياسية.

4- "عدم وجود هيئة تتبع بحوثه التي تتعلق بالاتجاهات الحديثة في العالم العربي الإسلامي.

5- لم يستطع الأدب الحديث بعد أن يفرض وجوده على هيئات العلم في العالم، "وإن خطى خطوات جبارة."

6- إن مراكز الاستشراق نفسها لا تشجع معرفة طلابها بإنتاج الأدب العربي الحديث حيث إنها تفرض عليه البحث في الأدب القديم.([4])

هذه الأسباب لم تعد كلها صحيحة في العصر الحاضر بعد أكثر من عشرين سنة من إعداد رسالة سمايلوفيتش .فقد ازداد عدد مراكز البحوث الغربية والأقسام العلمية التي تهتم بالأدب الحديث ولكنه اهتمام انتقائي كما سنرى.

وقد اهتم صالح جواد الطعمة بمسألة الترجمة من العربية إلى اللغات الأوروبية وذكر أن المسؤولية تقع على عاتق المستشرقين في تعريف قرائهم بالأدب العربي الحديث، ولكنهم "كانـوا ولا يزالون يوجهون جل اهتمامهم العلمي إلى غير الأدب من أوجه الحياة العربية المعاصرة، ولهذا لم يترجم إلاّ عدد ضئيل من الأعمال الأدبية الحديثة.." ويضيف بأن ما ترجموه أيضاً لم يسوّق تجارياً ولذلك لم يجد الاستجابة المشجعة لدى النقاد أو الأدباء غير العرب إلاّ في حالات نادرة."([5])

وقد حاول الطعمة تتبع المجلات الأمريكية مثل مجلة الجمعية الشرقية الأمريكية ومجلة العالم الإسلامي فوجد أن المجلة الأولى لم تقدم سوى "إشارات عابرة في باب نقد الكتب." وكذلك الحال بالنسبة للمجلة الثانية. ويضرب على ذلك مثالاً بما ورد في مجلة العالم الإسلامي بقوله "وتتجلى قلة الاهتمام بالأدب في التعريف الموجز الذي ورد في المجلة بشأن ترجمة آربري لمسرحية "مجنون ليلى" لأحمد شوقي، و المسرحية من خمسة فصول مترجمة من العربية …وهذه إحدى مسرحياته الست وأكثرها شيوعاً وقد شاهدها المترجم ممثلة في القاهرة. ويضيف معلقاً" لا أحسب أننا بحاجة إلى الوقوف طويلاً عند ما تعنيه أمثال هذه التعليقات من افتقار إلى الفهم والذوق الأدبيين لتراث غني بإنجازاته."([6])

ويؤكد الطعمة في موضع آخر أن الأدب العربي الحديث قد" أهمل وهمّش أو أقصي كلياً من الأدب العالمي. ([7]) ويرى إدوارد سعيد في المقدمة التي كتبها لكتاب (أيام الغبار) لحليم بركات أن الأدب العربي هو من الآداب المحظورة([8])

وليت الأمر توقف عند الإهمال كما جاء في أقوال الدكتور الطعمة فإن هناك من الآراء في اللغة العربية وآدابها ما يدهش المرء أن يصدر في دراسات تزعم لنفسها الموضوعية والنزاهة فيرى بعض الغربيين أن اللغة العربية نفسها تقف "عقبة" وأنها "طريق مسدود" وأنها "زخرفة غير واضحة" أو "منمقة" وصعبة كأداة على الترجمة إلى لغة كاللغة الإنجليزية، ويضيفون إن اللغة العربية تمثل ستاراً حديدياً لغوياً أبعدت الغرب عن الثقافة العربية.([9])

ومرة أخرى نؤكد أن الاهتمام بالأدب العربي الحديث قد ازداد على مر السنين فهناك أكثر من دورية تصدر في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا تتخصص في الأدب العربي أو الدراسات العربية فهناك مثلاً (المجلة الدورية للدراسات العربية Arab Studies Quarterly، ومجلة المختار في دراسات الشرق الأوسط Digest of Middle East Studies التي بدأت في الصدور منذ ست سنوات. ومجلة آداب الشرق الأوسط (أدبيات) (Middle East Literature(Literary Articles)) التي تتعاون في إصدارها جامعة أكسفورد البريطانية وجامعة داكوتا الشمالية بالولايات المتحدة الأمريكية والتي بدأت في الصدور منذ عام 1996م.

وإذا رجعنا إلى الوراء أكثر نجد أن بعض الباحثين الغربيين من أمثال المؤرخ البريطاني جورج ينج Young George يرى أن اللغة العربية هي من أصعب اللغات الأدبية التي تعيق إلى حد بعيد التعبير الأدبي، ويضيف "وليس من المستحيل أنه في المستقبل القريب أن مصر سوف تستبدل اللغة الفرنسية باللغة العربية كما فعلت الأمم الأخرى في شمال أفريقيا."([10])

وكتب إدوارد بدين حول نشاط الترجمة إلى الألمانية من اللغة العربية في سويسراً بأنه نشاط فاتر بالمقارنة مع ما يترجم إلى الإنجليزية أو الفرنسية عن الألمانية. ويرجع أسباب هذا الفتور إلى "قلة من يجيدون فهم الأدب العربي الحديث بعمقه اللغوي والاجتماعي والحضاري والسياسي، "… وكذلك يتساءل "هل لدى المترجم المقدرة اللغوية والعمق الحضاري ولو جزئياً بالنسبة للألمانية بحيث يتمكن من إيصال إنتاج الأدب العربي المترجم إلى جمهور القراء الألمان بشكل سائغ وجميل ومفهوم.." وهو كذلك يرى أن المشكلة الثالثة تكمن في أن دور النشر التي تهتم بالأدب العربي عددها قليل، وعدد الكتب التي تستطيع نشرها محدد جداً بالإضافة إلى قلة عدد المشترين مما يرفع تكلفة الكتاب ولا يجعله مرغوباً.([11])

ورغم كل هذه الآراء بأن الترجمة محدودة وأن الاهتمام قليل لكن هناك من يرى أن الاهتمام يتزايد ومن هؤلاء محمد أحمد حمدون حيث يقول "إن الاهتمام يتزايد عند المعاصرين من المستشرقين بالأدب الحديث، وقضايا العالم العربي، وفيما يتعلق بالأدب العربي الحديث فإن الترجمة في كتب مستقلة وفي الدوريات (رغم كثرتها) أخذة في الزيادة حيث ترجمت أعمال لأكثر المؤلفين العرب في معظم اللغات الأوروبية.([12]) ويبدو لي أن هذا الرأي متفائل جداً فالواقع لا يؤيد ذلك بل إن الاهتمام الغربي انتقائي وقليل بالنسبة لما يصدر في العالم العربي ولذلك أسبابه التي ذكرنا بعضها آنفاً.

ومن نماذج الاهتمام المتحيز ضد الأدب العربي ما كتبه ريجيس بلاشير زاعماً أن الأدب العربي يفتقد عموماً إلى الإبداع والعبقرية وان "الفعالية الأدبية، في أدوار عدة، بل في الأدوار الهامة تظل جماعية بمعزل عن كل خلق فردي حقاً، وإذا ما اتفق أن وجدنا خلافاً لذلك فإننا لا نلبث إذا أمعنا النظر أن ندرك أن الظاهرة حركة تجديد أوجدتها فئة أو جماعة أدبية أو هي صفة خاصة إقليمية …. وعلى الجملة فالأدب العربي – وقد نلحق به آداب الشرق الأدنى- لم يعرف إلاّ في ومضات خاطفة، تلك الحاجة المرهقة الخصبة للتجديد، والتميز، والتعارض 000"([13])

وقد كفانا محمد العزب مؤونة الرد على بلاشير في مقالة أكد فيها حقيقة وجود الإبداع والعبقرية في الأدب العربي على مر العصور ،ولم يكتف بما كتبه النقاد المسلمون منذ القديم ولكنه رجع إلى بعض ما كتبه كارل بروكلمان في هذا المجال. وقدم نماذج من الشعراء المسلمين على مر العصور ([14]). ولكن ألا يمكن أن يكون هذا الرأي الذي قال به بلاشير إنما ينطلق من النظرة الاستعلائية التي تطبع الغرب عموماً فلا يرون عبقرية إلاّ عبقريتهم أو عبقرية من كان مقلداً لهم.

وقد كان للمستشرقين الذين درّسوا في الجامعات المصرية وكذلك الطلاب الذين ابتعثوا إلى الغرب لدراسة الأدب العربي على أيدي المستشرقين دور في تأثر البعض في إفساد "الذائقة الأدبية" كما يقول الأستاذ محمود شاكر -رحمه الله- وهو ما عانى منه طيلة حياته وظهر واضحاً في معاركه الأدبية المتعددة ومنها على سبيل المثال مع لويس عوض التي نجد تفاصيلها في كتابه (أباطيل وأسمار) ومع طه حسين رحمه الله في كتابه المتنبي ورده على طه حسين في قضية الشعر الجاهلي ونظرية الانتحال.([15])

ولا يمكننا أن نطلب من الغير أن يهتم بأدبنا الحديث ولكننا نرى أن هذا الاهتمام يميل إلى التركيز على جوانب معينة من أدبنا العربي فهذه مستشرقة تؤكد أن الاستشراق الألماني ما زال مهتماً بقصص ألف ليلة وليلة حين تقول "لا يوجد أثر أدبي ينتمي إلى الشرق كان له التأثير الذي خلفته حكايات ألف ليلة وليلة منذ ترجمتها عام 1706م على الآداب الأوروبية بما فيها الأدب الألماني."([16]) ولكنها تضيف في اللقاء نفسه بأنها مهتمة أيضاً بالأدب الحديث وتسوق لذلك مبرراً هو أن الأدب "يـشكل في اعتقادي أحد أفضل السبل للتقارب بين الشعوب، لأننا نستطيع أن نتلمس من خلال ما ينتجه شعب من أدب ملامح الوجه الحقيقي لهذا الشعب.([17])

وقد كان البعض يرى أن فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب عام 1988م(1408هـ) لم يؤد إلى زيادة الاهتمام بالأدب العربي الحديث، لكن محفوظ نفسه نال اهتماماً كبيراً في هذه الفترة والتي تلتها، ولكن هذا لم ينعكس على الأدب العربي عموماً([18])



المحور الثاني

القيم والمثل والأخلاق في الأدب العربي الحديث

ولعل من المعلوم أسباب الاهتمام بنجيب محفوظ فإن اللجنة التي منحت له الجائزة ذكرت في المبررات تأثره بالفكر الغربي وبخاصة ماركس وفرويد ودارون .ويقول في ذلك أحمد أبو زيد "لا غرابة أيضاً أن يهتم بها [أولاد حارتنا] دارسو الأدب العربي من الأجانب والمستشرقين اهتماماً خاصاًَ ويفردون لها جانباً بارزاً من دراساتهم عن نجيب محفوظ . فقد وجدوا فيه ضالتهم وأدركوا أنها قصة تحطم كل ما هو مقدس من الأديان والرسل والكتب والغيبيات"([19]). وأدى هذا التأثر إلى أن امتلأت قصص نجيب محفوظ ورواياته بالدعوة إلى القيم الهابطة والفساد ومن ذلك الدعوة إلى اللهو والطرب، والسخرية من الحياء وزعمه أن الحياء موضة قديمة، واحتفائه بالمومسات والتعدي الصارخ على الدين .

ويلخص أحمد أبو زيد ذلك في قوله "ومعنى هذا فساد الوجهة في مخطط نجيب محفوظ القصصي كله الذي يروج فيه الشك والسخرية والاستهانة بالقيم والاستهزاء بالمقدسات، وليست إذن رواية أولاد حارتنا هي وحدها الحاملة للسم، ولكن الكاتب نفسه الذي يتخفى وراء مظهر أنيق وعبارات صحفية مرتبه وكلمات براقة هو في داخل قصص نتن عجيب وقذارة وفساد يجب أن يعرفه كل من يسأل عنه"([20])

ويؤكد هذا الأمر –وإن كان لا يحتاج إلى تأكيد– "أن نجيب محفوظ عرف لدى ’الأصوليين‘ بأنه يعلّم الجنس كما في رواية ’في مقهى علي بابا‘ وفي رأي إسلاميين آخرين يعد محفوظ معادياً للإسلام لمدة تزيد على ستين سنة"([21]) وكأن طول إقامة صالح الطعمة بين ظهراني القوم ورغبته في أن يتقبلوا آراءه استخدم مصطلح الأصوليين ومعاداتهم لنجيب محفوظ ،ثم كيف استطاع أن يقسم المسلمين إلى أصوليين وإسلاميين؟ وكان ينبغي أن يقول إن أي مسلم يجب أن يعادي كتابات نجيب محفوظ لما فيها من جرأة على القيم الإسلامية والمقدسات والأنبياء والرسل. وما زلت أذكر قراءاتي لنجيب محفوظ منذ أكثر من ثلاثين سنة أنه كان يسخر دائماً من أي إنسان يميل إلى التدين، كما كان يتقن وصف مشاهد الانحراف في روايات مثل "ثرثرة فوق النيل".

ويضيف صالح طعمة سبباً آخر للاهتمام بنجيب محفوظ وهو آراء محفوظ (حول السلام) وإن كان طعمة ينتقد هذه المبررات للافتتان بنجيب محفوظ وبالتالي بالأدب العربي المعاصر، ويضيف بأن هذا الأمر "يروج لانطباعات متحيزة وتشويهات للمجتمع المصري والعالم العربي أو الإسلام."([22])

ويحسب للطعمة أنه قدم رصداً مصدرياً لما كتب وما ترجم لنجيب محفوظ في اللغة الإنجليزية وفي الولايات المتحدة فقط فذكر أن أول ترجمة لنجيب محفوظ كان في عام 1960م في جامعة إنديانا من قبل ترفير لوجاسك Trever Le Gassick .وترجمت روايته زقاق المدق في بيروت عام 1963م من قبل المترجم نفسه. كما قام لوجاسك بتدريس بعض المواد الجامعية عن هذه الرواية وعرّف في دروسه بنجيب محفوظ وكتب دراسة عن الثلاثية نشرت عام 1963م وهو العام الذي بدأ فيه تدريسه واستمر حتى عام 1966م.([23])

واستمر هذا الاهتمام بنجيب محفوظ ومن ذلك مثلاً أن قدمت محاضرة في النشاطات العلمية لمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفرد بعنوان "الزعبلاوي: الجانب الخفي في ثلاثية القاهرة لنجيب محفوظ وقدمت المحاضرة نادين جورديمار Nadine Gordimer وذلك في 2نوفمبر 1994م.

وبمناسبة الأفكار التي تروق الفرنسيين فلا بد من ذكر الجائزة التي تقدمها أكاديمية الكونكور الفرنسية لما يسمى "أدب" الوقاحة. ففي عام 1412هـ (1992م) قدمت هذه الهيئة جائزتين لكاتبين مغربيين، ويطلق على الجائزة جائزة أطلس. وهذان الفائزان هما سامي أمالي وبريل سعيد، وذكر الخبر أن السفارة الفرنسية في الرباط أقامت حفلاً لتكريم هذين الكاتبين ودعت الدول العربية لتكريمهما، وقد طالب أحدهما أبناء وطنه أن يهبوا لتكريمه مثلما فعل الفرنسيون. أما ما كتباه فلا يخرج عن الدعوة إلى الخنا والفجور والعربدة والدعارة والدياثة.([24])

وفي هذا الإطار تهتم الدوائر الاستشراقية بكتّاب من أمثال محمد شكري ففي سلسلة محاضرات ينظمها معهد الفنون المعاصرة Institute of Contemporary Arts* بعنوان (أخبار من الشرق) ألقى محمد شكرى محاضرة في 22 سبتمبر 1992م.([25]) ومحمد شكري أصبح مهماً في الأدب العربي عند الباحثين الغربيين وعند بعض الحداثيين. ومن أهميته عند الغربيين أن النشرة التي أعلنت هذا النشاط ذكرت أنه من أبرز الشخصيات الأدبية في المغرب. وجاء في تعريفه أيضاً أنه صاحب كتاب الخبز الحافي الذي يحكي حياته في شوارع طنجة، وقد أعاد شكري كتابة مذكراته التي ترجمت إلى ثلاث عشرة لغة، ولكنها ممنوعة في معظم البلاد العربية. ويشير الإعلان إلى أن شكري سوف ينشر الجزء الثاني من مذكراته قريباً.(**) كما أن طالبة اسمها ساندرا ميلبورن Sandra Milburn تدرس في جامعة برنستون تعد رسالة دكتوراه بعنوان الأدب المغربي الحديث: محمد شكري "عام 1994-1995م.

وقد صدر حديثاً كتاباً لعاصم حمدان بعنوان دراسة مقارنة بين الأدبين العربي والغربي تناول فيه قضية محمد شكري واهتمام الإعلام العربي وبعض الدوائر الاستشراقية به رغم أنه لا ينطبق عليه وصف أدب بأي معايير فانبرى أحد كتاب إحدى الصحف المحلية يدافع عن محمد شكري. ولا يمكن أن يكون الكاتب منفرداً بالإشادة والدفاع عن محمد شكري فلا بد أن يكون المشرف على الصفحة الأدبية ومن وراءه من جنود الحداثة خلف مثل هذا الهجوم غير المهذب. وهنا يمكننا التأكيد أن الاستشراق قد أدى دوره في ترويج أسماء وأفكار ونماذج من الكتابات.([26])



المحور الثالث

لغة الكتابة والشعر الحر

ومن الجوانب الأخرى التي يهتم بها الغالبية العظمى من المستشرقين في الأدب العربي الحديث فهو اهتمامهم بمن يكتبون أدباً في اللغات الأوروبية وهؤلاء يطلق عليهم عبد الله الركيبي (المرضي عنهم) ويقول عنهم "أما أولئك (المرضي عنهم) فهم الذين يعيشون عصرهم ويستحقون التكريم والتنويه بإنتاجهم، نلمس هذا في الضجة التي أثاروها حول ما كتبه الطاهر بن جلون الذي يصرح بأن الفرنسية هي التي تعبر عنه وعن إحساسه، فانهالت عليه الجوائز الأدبية ومثل الجزائري "عبّه" الذي ذهب به حب الفرنسية والدفاع عنها إلى حد بعيد إذ رصد جائزة من ماله الخاص لمن يكتب عملاً أدبياً متميزاً بهذه اللغة.."([27])

وفي مقابل هذا الاهتمام فهناك إهمال أو حتى عداوة لمن يتحول عن الكتابة من الفرنسية إلى العربية أو إذا خالف أفكارهم ويذكر الركيبي من هؤلاء مالك حداد الذي لا يكاد يذكر اسمه عندنا إلاّ نادراً أما في الضفة الأخرى فلا يكاد يذكر اسمه إطلاقاً لسبب معروف وهو دفاعه عن العربية ورفضه الكتابة بالفرنسية بعد الاستقلال في حين أن غيره يشيدون به محلياً وفرنسياً مثل كاتب ياسين ومولود معمري وبن جلون وغيرهم. ويستشهد ركيبي بما كتبه رشيد بوجدرة بأن الفرنسيين يشجعون الكتابة الفرنسية لأن هؤلاء يكتبون نصوصاً سياسية تروق الفرنسيين وتروج أفكارهم، "وبعضهم الآخر يكتب القصة بطريقة فنية جميلة تحمل أفكاراً غربية وموجهة أساساً للاستهلاك الغربي."([28])



العامية والدعوة إليها

من القضايا التي اهتم بها الاستشراق استخدام الكتاب العربي اللغة الفصحى في الإبداع الأدبي سواء كانت قصة أم رواية أم مسرحية. وقد جعلوا هذه القضية من القضايا التي أولوها اهتماماً كبيراً. وقد ناقش أحمد سمايلوفيتش هذه القضية في كتابه فلسفة الاستشراق وأثرها في الأدب العربي الحديث وأكد من أنها من أخطر الهجمات التي تعرضت لها اللغة العربية، ونقل عن عثمان أمين قوله "إن حملات ّالتغريب ّ التي شنها النفوذ الغربي وأعوانه في آسيا وأفريقيا مصوباً هجماته إلى التراث العربي الإسلامي بوجه عام و إلى اللغة العربية بوجه خاص." ([29])

وهذا الأمر قد أصبح واقعاً في الجامعات الغربية فمن العجيب أن يكتب أحمد نظمي بأن الجامعات الغربية تنوي إنشاء كراس للهجات العامية، فهي قد فعلت ذلك بالفعل، وقد أنشأت معاهد الخدمة الخارجية في بعض البلاد العربية لتدريس موظفيها اللهجات المحلية ومنها معهد الخدمة الخارجية في تونس الذي يقدم دورات في اللغة المحكية التونسية، وقد درس في هذا المعهد نائب رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة بيركلي لورانس ميشيلاك Laurence O. Michalak فهو قد لا يستطيع فهم الفصحى لكنه يفهم العامية التونسية أفضل مما يفهمها عربي من الجزيرة. وقد التقيته في مكتبه بجامعة بيركلي فذكر لي بعض المعلومات عن العامية التونسية وأخذها بعض الكلمات الفرنسية وإدخالها إلى الاستعمال اليومي وتطبيق بعض قواعد اللغة العربية عليها في الجمع والتأنيث والتذكير وغير ذلك. ولا شك أن هذه المعرفة العميقة بالعامية تحتاج من الباحث أن يعيش فترة من الزمن حتى يصل إليها.([30]) وقد علمت أن إحدى الجامعات الأمريكية قدمت لأحد أساتذة اللغة العربية فرصة العمل أستاذا زائراً بإحدى الجامعات السعودية لتدريس اللهجة المكيّة بخاصة أو اللهجة الحجازية عموماً، وقد قبل الدعوة.

وتأكيداً لهذا الاهتمام فقد بدأت الجامعات في نشر كتب نحو متخصصة في اللهجات وقواميس خاصة بكل لهجة من العربية إلى الإنجليزية وبالعكس ومن ذلك ما نشرته جامعة جورج تاون حديثاً ومنها هذه الكتب:

1- مرجع في قواعد اللغة العربية السورية تأليف مارك كوول Mark W. Cowell . وجاء في تعريف الكتاب أنه يصلح للطلاب المبتدئين في اللغة ومرشداً في هذه اللهجة للمتخصصين في اللغة العربية وفي اللسانيات.

2- مرجع موجز لقواعد العربية المغربية: تأليف ريتشارد هارل Richard S. Harrel وهذا مرجع عملي للطالب الذي حصل على مبادئ العربية المغربية.

3- قاموس العربية العراقية( عربي –-إنجليزي) تحرير وودهيد ووين بين D.R. Woodhead and Wayne Beene و وآخر ( إنجليزي- عربي) كلاراتي وكارل ستوواسر ورونالد وولف.B..E. Clarity, Carl Stowasser. And Ronald G. Wolf. . وهناك قاموس أيضاً للعربية السورية.(*)

ويقول أحمد نظمي محمد إنّ "بعض الجامعات الغربية باشرت في تدريس اللهجات في أقسامها واعتمدت لذلك الحرف اللاتيني كما فعلت الجامعة الأمريكية في القاهرة وبيروت، وفي الوقت الحالي أدخلت هذه الطريقة في كثير من معاهد الاستشراق الأوروبية إن لم يكن أغلبها، بل أصبح تدريس اللهجات العربية يستحوذ على ساعات مساوية للساعات المخصصة لتدريس العربية الكلاسيكية كما تدعى لديهم ولاسيما في معاهد أوروبا الغربية."([31])

ومن الاهتمام بالعامية الدراسات التي ما تزال تصدر عن الجامعات الغربية ودور النشر هناك حول العامية، ومن ذلك مثلاً الكتاب الذي شارك فيه الأستاذ الزائر بمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية (جامعة لندن) صبري حافظ عن القصة القصيرة العربية واللغة العامية وصدر عام 1995م.([32])



الاهتمام بالشعر الحر أو المرسل

ومن الجوانب التي يهتم بها الاستشراق الحديث ما يطلق عليه الشعر الحر أو المرسل أو المنثور ويقول في ذلك صالح طعمة "لوحظ في السنوات الأخيرة إقبال متزايد على ترجمة ما نسميه ب ’الشعر الحر‘ بفضل الحضور أو الإسهام العربي في الغرب فتعددت الأعمال المترجمة لأمثال أدونيس (علي أحمد سعيد) وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي ومحمود درويش وصلاح عبد الصبور."([33]). وقد لاحظ هذا الأمر أحمد سمايلوفيتش منذ أكثر من خمس وعشرين سنة، حيث ذكر عدداً من الدراسات الاستشراقية حول الشعر العربي المعاصر واستنتج قائلاً "وهذا مما يدل على اهتمام الاستشراق البالغ بهذين الاتجاهين الرئيسين (الشعر المرسل والشعر الحر) في الشعر العربي المعاصر وتتبع الاستشراق المستمر له."([34])

وهذا الاهتمام هو الذي قاد إلى تقديم أدونيس في المحافل الدولية وترجمة شعره حتى أنّ جهاد فاضل كتب يتعجب من كثرة ترجمات أدونيس إلى اللغات الأوروبية في حين أنه بحاجة إلى أن يترجم إلى اللغة العربية ليفهمه العرب أولاً "فالحاجة ماسة أولاً إلى ترجمة شعره إلى اللغة العربية قبل ترجمته إلى اللغات الأجنبية لاستعصائه حتى على النخبة المثقفة كأنه يتقصد وهو يكتب شعره ألاّ يفهمه أحد من القراء. "ويضيف بالنسبة لكثرة ترجمات أدونيس قائلاً "إذ لا ينقضي شهر من الشهور إلاّ ويصدر ’إعلان‘ أو خبر في الصفحات الثقافية يحمل إلى القراء العرب بشرى ترجمة ديوانه هذا أو ذاك إلى اللغة الفلانية …كأن أدونيس يقول لهؤلاء إذا كنتم رفضتموني، فقد قبلني العالم، انظروا إلى تهافت العالم على قراءة شعري "[35]

وقد عرّفت باحثة أمريكية مهتمة بالأدب العربي أدونيس بأنه "الشاعر المشهور عالمياً والذي يعيش بين بيروت وباريس." ([36])

ولم يقتصر الاهتمام بأدونيس على الغربيين فإن من أبناء جلدتنا المتحدثين بلساننا قد جعلوا كتاب أدونيس –كما يرى الدكتور عاصم حمدان- الثابت والمتحول ’دستوراً لهم‘ لا ينقل من ثقافة الغرب وفلسفته سوى النفايات الفكرية التي تخلص منها أهلها وذووها منذ زمن، ثم يأتي أدونيس ويلبسها ثوباً جديداً من فكره الضال ليقوم بتسويقها في مجتمعاتنا، وما أكثر ذوي العقول المنحرفة الذين يجدون في أقواله بضاعة يتباهون بها بين قومهم، وما أفسدها من بضاعة."([37])

وبلغ من اهتمامهم بأدونيس أنه من المرشحين عند القوم لنيل جائزة نوبل، ومنذ نيل نجيب محفوظ والصحافة الحداثية التي تتلقى الوحي من الغرب تنتظر أن ينالها أدونيس أما من الغربيين الذين يرون أن أدونيس جدير بالجائزة روجر ألن Roger Allen فيما ذكره في مقالة له بعنوان ’الأدب العربي وجائزة نوبل‘.([38])

ولعل أدونيس أدرك أن تأييد السلام والتطبيع مع إسرائيل سيأتي له بالجائزة فقد أعلن قبوله للتطبيع مع إسرائيل في المؤتمر الذي أقامته اليونسكو في غرناطة تحت عنوان (ما بعد السلام) وكان من جراء هذه الدعوة أن طرد من اتحاد الكتاب العرب.([39])

ومن الأسماء الحداثية التي تهتم بها المراكز الاستشراقية محمود درويش ففي المؤتمر الذي عقد في بودابست حول الأدب العربي كان من بين المحاور محور ’تجديد لغة الشعر الحديث‘ والحديث عن الارستقراطية اللغوية للشعر الرسمي الكلاسيكي. وكان من بين المتحدثين ساسون سوميخ أستاذ الأدب العربي ورئيس معهد اللغات بجامعة تل أبيب. وقد أشار في محاضرته إلى أن الشعر قد أصبح منفتحاً بسبب التأثيرات اللغوية الشعبية والعامية وقدم من الأمثلة على ذلك محمود دوريش وصلاح عبد الصبور ومظفر النواب.

ومحمود درويش يقحم في شعره الرموز النصرانية حتى إنها أزعجت كاتبا يومياً في إحدى الصحف الصادرة في لندن فكتب يتهم درويش وأمثاله بالتظاهر بخلفية نصرانية وأن درويش كان عينة لهذه الفئة، ومن العبارات التي وردت في شعره ’مطر فوق برج الكنيسة‘ وهللويا !هللويا، وأيقونات الكنائس، وخاتم العذراء وغيرها. ويقول خالد قشطيني "هذه التفاتة مقبولة لو أنها كانت ترمي إلى تجسيم التلاحم بين المسيحيين والمسلمين في عالمنا العربي وإظهار أن التراث المسيحي هو أيضاً جزء من تراثنا… بيد أن الغرض ليس كما يبدو لي، الغرض هو الظهور بالتفرنج والاستغراب والعصرنة، وهذا شيء مقيت."([40])

ومما يمكننا إلحاقه بهذا الاهتمام بالأدب الاهتمام بجرجي زيدان والذين يكتبون الرواية التاريخية بهدف تشويه التاريخ الإسلامي وتحريفه. وقد كان اهتمام الاستشراق بجرجي حيث كان صديقاً لبعض هؤلاء المستشرقين مثل كرنيليوس فاندايك أول رئيس للجامعة الأمريكية في بيروت، بالإضافة إلى صداقته لنولدكه وفلهاوزن ومارجليوث وجولدزيهر وغيرهم. فقد كانت بينه وبين هؤلاء مراسلات مستمرة، كما كانت دار الهلال مقراً للمستشرقين الزائرين لمصر. وعرف عن جرجي زيدان ارتباطه أيضاً بالمخابرات الإنجليزية، وعن رواياته يقول شوقي أبو خليل "يواجه تاريخنا العربي وأعلامه محاولة مدروسة دقيقة لتزييفه وإفساده، وتمييع قيمه ومثله، وهي محاولة لم نشهد أخطر من سمومها وطعناتها ودسائسها، كل ذلك في عرض روائي جذاب شيق هدفه طرح أرضية تاريخية وفكرة واسعة لإثارة الشبهات حول تاريخنا وتراثنا وآدابنا ورجالاتنا"[41]

وقد نوقشت رسالة دكتوراه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1409هـ للدكتور عبد الرحمن العشماوي عن الرواية التاريخية عند جرجي زيدان.([42]) كما اطلعت على رسالة دكتوراه قدمت لجامعة برنستون حول جرجي زيدان على أنه من أعمدة النهضة العربية المعاصرة. وفي استطلاع لإحدى الصحف العربية التي تصدر في الخارج كان السؤال عن أبرز الكتب التي كان لها تأثير كبير في القرن الماضي في العالم العربي فأجاب البعض بأن كتب جرجي زيدان من بين تلك الكتب التي أثرت تأثيراً كبيراً في النهضة الفكرية. ([43])

المحور الرابع
الاهتمام بنماذج من الأديبات والأدباء العرب.

1- النساء الأديبات

نالت المرأة الأديبة العربية اهتماماً واسعاً في الدراسات الاستشراقية وبخاصة تلك المرأة التي تأثرت بالفكر الغربي وتبنت قضايا معينة من مثل تحرير المرأة والعلاقة بين الرجل والمرأة وغيرها من القضايا .

فقد حصلت الباحثة الأمريكية مريام كوك Meriam Cooke على منحة من مؤسسة فلبرايت للسفر إلى سوريا للإعداد لندوة حول نساء سوريا فاختارت أن تجعل ندوتها عن الكاتبات السوريات وقد عقدت عدة حلقات للحديث مع الكاتبات السوريات. وقد قدمت معلومات عن بعض الكاتبات وبخاصة اللاتي أخذن بالقيم الغربية ودعون إلى ما يسمي ’تحرير المرأة‘ وقد بدأت بالحديث عن المنتديات الثقافية وأثرها في خروج المرأة السورية واختلاطها بالرجال وكان من هذه الحلقات:

1- حلقة الزهراء بدأت عام 1942 وكانت أول حلقة تجمع بين الرجال والنساء وهي الحلقة التي ظهرت فيها الكاتبة ألفت الأدلبي سافرة.

2- الجمعية الثقافية ، تأسست أيضاً عام 1942 وكان لها لقاء كل يوم ثلاثاء.

3- الصالون العربي بدأ في التسعينيات .

ومن الكاتبات السوريات اللاتي تحدثت عنهن:

أ-كوليت خوري، ولدت عام 1937م، ولها عدد من الروايات منها "أيام معه"(1959م) التي تصفها الباحثة الأمريكية بأنها "هزت العالم العربي حينذاك لصراحتها في الحديث عن المرأة والجنس" وقد نشرت بعد سنتين رواية أخرى بعنوان "ليلة واحدة" (1961م) تحدثت فيها عن العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة وتدور أحداث القصة عن امرأة لم يكن زوجها قادراً على إشباعها جنسيا أو عاطفياً مما يجعلها تبحث عن الإشباع خارج الزواج.([44]) ولو أنها عرفت الأدب النبوي فإن امرأة اشتكت إلىe من زوجها فكانت عبارتها بأسلوب مهذب لم تزد على خمس كلمات "إنما معه مثل هدبة الثوب" فخالعها زوجها دون أن يصبح من ذلك قصة أو رواية أو حديثاً. ولكن عندما تراجع تطبيق الإسلام أصبحت مثل هذه الأمور تشجع الحديث عن اضطهاد المرأة وأن المجتمعات العربية تسمح للرجل من الحرية أكثر مما تمنح للمرأة.

ب-ملاحة الخاني ( 1934م): تكتب القصة القصيرة وقد صدر لها أربع مجموعات قصصية منها (كيف نشتري الشمس (1978م) و(العربة بلا جواد) (1981م) وتقول مريام إنّ الخاني أيضاً تفرض على المجتمع إعادة النظر في مسألة الحياة الجنسية للمرأة كما فعلت خوري من قبل. وأشارت بالتفصيل إلى روايتها بعنوان (تودد) (1987م) التي تحكي قصة زوجة مهندس أصيب بالشلل نتيجة انفجار لغم وعجزه الجنسي فما ذا ستفعل المرأة التي عليها أن تكبت غريزتها من أجل العيش مع رجل فقد الرغبة في المرأة. وتنقد المجتمع بأن الأمر لو كان العكس لأغمض عينيه عن سلوكه.([45])

جـ- هدى النعماني: شاعرة وفنّانة، تعيش في بيروت وقد كتبت خلال الحرب اللبنانية قصيدة "أذكر كنت دائرة" عام (1992م) وترجمت إلى الإنجليزية عام (1994م). ولها قصيدة أخرى بعنوان (هدى…أنا الحق) تتحدث فيها عن علاقتها بإله وليس إله المسلمين ولكنه روح شخصية عميقة كونية.

د- ناديه خست (1935م) نشرت عدداً من المجموعات القصصية منها (أحب الشام) (1967م) وهي قصص عاطفية تركز على وطنية المرأة وتلمح إلى قضاياها الجنسية. ثم نشرت رواية طويلة بعنوان (حب في بلاد الشام)(1996م). وقد ذكرت الكاتبة الأمريكية موقف خست من طرد أدونيس من رابطة الكتاب العرب بسبب موقفه من التطبيع وإصرارها على ذلك .

ومن الكاتبات اللاتي التقت في سوريا الكاتبة هدى الغزي التي تعمل محامية وتهتم بالقضايا الجنائية الخاصة بالمرأة ولذلك تأتي قصصها من الواقع ولها عدة قصص منها (هنّ) (1993م) و(العنبر رقم 6).

ورغم أن الكاتبات السوريات اللاتي يتمسكن بالقيم الإسلامية والمسلمات في كتاباتهن غير معروفات عموماً فإنني عرفت عن وجود كاتبات مثل هدى اللحام، وأم حسّان الحلو وإن كانت الأخيرة نشرت معظم إنتاجها في المملكة العربية السعودية لأنها عاشت في المدينة المنورة سنوات عديدة.

وتهتم رابطة دراسات النساء في الشرق الأوسط بالكاتبات والأديبات العربيات فمن هؤلاء حنان الشيخ التي كانت ضيفة الشرف أو المؤلفة الضيفة في الاجتماع السنوي للرابطة على هامش المؤتمر السنوي لرابطة دراسات الشرق الأوسط الأمريكية. وقد قدمت رابطة المرأة في نشرتها عرضاً لكتاب حنان الشيخ (قصص حياتي) وتتحدث الترك في هذا الكتاب عن الحركة والولادة من جديد، وعن المغادرة، وعن الانطلاق. وتتحدث حنان في كتابها عن الهروب من كل من الأسرة، ومن المألوف ومن الوطن ومن الماضي، ومن المسلمات. وتقول عن نفسها "لقد توقفت عن تناول الطعام الذي كبرت وأنا أحبه، غيرت لهجتي، تجاهلت بعض أقاربي وحتى أبي تجاهلته في الشارع، لبست السواد وتركت شعري مسدولاً ودخنت سجائر الجلواز (سجائر فرنسية) ورددت عبارات مثل هل أنا موجودة؟ هل أتنفس؟" ([46]) وتقول عن نفسها بأنها في عالمها لا يوجد هوية متجانسة ولا يوجد مسلمات أدبية ولا حدود معروفة ولا يوجد أيديولوجية مريحة وتتحول الكتابة إلى منقذ."([47])

والاهتمام بالأديبات العربيات يتخذ شكل إصدار الكتب والدراسات حولهن وإبراز النماذج المتغربة فهذه فدوى ملطي-دوجلاس تصدر كتاباً بعنوان (رجال، نساء وإله ’آلهة‘) عن دار نشر جامعة بيركلي بكاليفورنيا عام 1995م تنتقد فيه الذين هاجموا نوال السعداوي بأنهم "يقرأون التفاصيل ولا ينظرون إليها نظرة شاملة." وتضيف إيفيلين عقاد بأن كتاب فدوي يمنح السعداوي الاعتراف الذي تستحقه وكذلك الفهم الدقيق الذي لم تحصل عليه منذ زمن."([48])

وقد سعت رابطة دراسات نساء الشرق الأوسط الأمريكية بالتعاون مع بعض الجمعيات النسائية المصرية إلى تخصيص قسم لكتب النساء في معرض القاهرة الدولي قبل سنتين وكان لبعض الأمريكيات العاملات في الرابطة لقاءات مع بعض الكاتبات العربيات ومنهن مثلاً فوزية أبو خالد وتقول كاتبة التقرير عن المعرض" تحدثت إلى فوزية أبو خالد – الشاعرة السعودية عن عملها الذي يعد طليعياً في الشكل وصريحاً في المضمون حتى إنها طردت من التدريس في كلية البنات في إحدى الجامعات السعودية، وتقول فوزية "مازلت في الجامعة ولكن في قسم تطوير المناهج، وبالطبع ما زلت مستمرة في الكتابة بالرغم من أن معظم ما اكتب لا ينشر في بلدي"([49])

وشاركت الأديبات العربيات في إلقاء المحاضرات والندوات في المؤسسات الغربية التي قد لا تبدو استشراقية فهذا معهد الفنون الجميلة المعاصر يدعو بعض هذه الكاتبات لإلقاء المحاضرات ومنهن:

1- نوال السعداوي وعرفتها النشرة بأنها "إحدى رائدات الحركة النسوية في العالم العربي، سجنت عام 1981م لكتاباتها في مصر، وأطلق سراحها بعد مقتل السادات" وكانت محاضرتها في 24سبتمبر 1992م.

2- آسيا جبار وحنان الشيخ و أندريه شديد وماري كاردينال Marie Cardinal في ندوة لمناقشة وضع المرأة في العالم العربي وعلاقة الرجل بالمرأة والمواقف العميقة للجنس والأوضاع النفسية للمجتمع المسلم.

3- سلمى الخضراء الجيوشي: ألقيت بعض المحاضرات على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب وكان الخطاب الافتتاحي من نصيب الدكتورة الجيوشي الذي أكدت فيه "أن أحد الأمور الإيجابية التي حدثت في العالم العربي هو ظهور المرأة في جميع المجالات وبخاصة في مجال الأدب" ومن النشاطات التي أقيمت تقديم جواز للأديبات العربيات وقد فازت أحلام مستغانمي بالجائزة الثانية على كتابها (ذكريات الجسد) وقد تحدثت المستغانمي قائلة "يجب أن نتكلم فالسكوت أمر فظيع، يجب أن نخاف من السكوت."(50)

4- المستشرقة البولندية باربرا ميخيلاك أعدّت دراسة جادة هي رسالتها لنيل درجة الدكتوراه حول بعض الأديبات العربية، فقد كانت رسالتها للدكتوراه حول كتابات الأديبة الكويتية ليلي العثمان (تظهر في المجلات بكل الأصباغ) في جامعة بولندا ، وقد قدمت بحثاً في مؤتمر المستشرقين الذي عقد في لوفان البلجيكية عام 1995 عن كتابين للأديبة ثريا البقصمي هما (شموع السراديب) و(رحيل النوافذ) بالإضافة إلى مذكرات فطومة. وهي تعد الآن دراسة عن الشاعرة سعاد الصباح وسيكون عنوان بحثها هو عنوان أحد كتب سعاد الصباح في البدء كانت الأنثى ([51)

5- حنان الشيخ من الأديبات اللاتي عشن زمناً في الغرب وبخاصة في بريطانيا حيث كتبت باللغة الإنجليزية أيضاً ولها مسرحية أدتها إحدى الفرق الإنجليزية وكانت أول كاتبة عربية يقوم الإنجليز بأداء مسرحية من تأليفها. وقد ذكرت جريدة "الحياة" أن التلفزيون البلجيكي يصور برنامجاً عنها وعن كتابها بريد بيروت ولها قصص أخرى منها اكنسي الشمس عن السطوح وأما مسرحيتها التي مثلت في لندن فتتحدث عن فتاة عربية اسمها عائشة اختارت الهجرة بعد أن رأت صديقاتها يهاجرن إلى أوروبا وينعمن بالحياة فيها لأن أوروبا في نظرهن هي الخلاص من أي شيء يمكن للإنسان أن يفكر فيه كالاضطهاد والفقر والكبت والخوف ..وتتزوج عائشة من إنجليزي شاذ. [52]

ومن صور اهتمام الاستشراق بنماذج من الأديبات العربيات ما تفعله الإذاعات الموجهة ومنها هيئة الإذاعة البريطانية فقد عرضت ذات مرة كتاباً لكاتبة أمريكية عنوانه (ثمن الشرف) وللتعليق على الكتاب استضافت نوال السعداوي للحديث عن الكتاب. ومن الكتب التي عرضتها مجموعة قصص للدكتورة أهداف سويف، وكانت إحدى القصص تتهم أصحاب الاتجاه الإسلامي بمحاربة تعليم المرأة واضطهادها، ومن البديهي أن القصة أو الرواية لو كانت تقدم الإسلام تقديماً صحيحاً لما نالت اهتمام المشرفين على هذه الإذاعة أو سواها من وسائل الإعلام الغربية. ولا شك أن مثل هذا الموضوع يحتاج إلى متابعة أكثر دقة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مجلـــــــــــة نفـــــــــــــير سوريــــــــــــــــــا الرقميــــــــــــــة :: دراسات إستشراقية :: معلومات أساسية-
انتقل الى: